
الهيمنة في العلاقات الدولية: مراجعة للمفهوم في ضوء الحالة الأميركية
تسعى هذه الدراسة للبحث في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، وما طرأ عليها من تغييرات في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، مقارنةً بمن سبقه من الرؤساء بعد انتهاء الحرب الباردة، وانعكاس ذلك على مستقبل الهيمنة الأميركية والنظام الدولي الليبرالي، وسيناريوهات الهيمنة في ظل حكم الرئيس الحالي جو بايدن. وتطرح سؤالين رئيسين: ما السياسة الخارجية التي اتبعها الرئيس ترامب؟ وما أثرها في مستقبل الهيمنة الأميريكة والنظام الدولي الليبرالي؟ تعتمد الدراسة في تحليلها على دراسة مفهوم الهيمنة، ونظريات العلاقات الدولية ورؤيتها للهيمنة. وتخلص إلى وضع سيناريوهات ثلاثة محتملة تنتظر مستقبل الهيمنة الأميركية في ظل حكم بايدن، وترجح أن يراوح عهده بين الإصلاح الجزئي والفشل الذريع.
انشغل علماء العلاقات الدولية بالبحث في مآلات الهيمنة الأميركية أكثر من أي موضوع آخر)1(، وكانت حصيلة هذا الانشغال ولادة تيارين؛ الأول يرى في الولايات المتحدة دولة مهيمنة، ويدافع عن استمرارية بقائها متربعة على قمة هرم النظام الدولي، ويبرز في هذا التيار كل من روبرت كاجان Robert Kagan، وجوزيف ناي Joseph Nye، ووليم وويلفورث William Wohlforth. أما التيار الثاني، فيمثله ستيفن والت Stephen Walt، وروبرت غيلبين Robert Gilpin، ويعتقد أن الولايات المتحدة تم ّر بحالة تراجع تنزاح فيه عن الهيمنة؛ إذ برزت قوى دولية قادرة على تغيير النظام الدولي.
ازدادالجدلحولالهيمنةومستقبلهاحّدة،معتوليدونالدترامب Donald Trump )(2021-201( رئاسة الولايات المتحدة، واعًدا بإجراءإصلاحللسياسةالخارجيةالأميركية،ومنذًرابشأنمصيرالنظام الدوليالليبرالي،وهوقاعدُةانطلاقسياسةالولاياتالمتحدةالخارجية بُعيد الحرب العالمية الثانية؛ ما أثار التساؤلات حول مستقبل الهيمنة الأميركية. وبعد مضي أربع سنوات على حكمه، تنامت التحليلات عن مصير الهيمنة الأميركية. يتمحور سؤال الدراسة حول ماهية السياسات التي اتبعها ترامب في سياسته الخارجية، وأثرها في مستقبل الهيمنة الأميركية وفي النظام الدولي الليبرالي. وتعتمد الدراسة في إجابتهاعنأسئلتهاعلىمراجعٍةأدبيٍةمكثفةلنظرياتالهيمنة، وتحليل الخطابات ووثائق الأمن القومي الأميركي والسياسات التي أصدرها ترامب، مع مقارنة سياساته بسياسة الرؤساء السابقين بُعيد
الحرب الباردة.
تفترض الدراسة أن ترامب ليس البادئَ في تقويض الهيمنة الأميركية، ولكّنه،عملًيا،كثّفهدمها،ومثّلتالحربعلىالعراقأيّامجورج بوش الابن George W. Bush )2009-2001( بداية انهيارها)2(. أضر ترامب بمستقبل الهيمنة المعتمدة منذ الحرب الباردة على الغرامشية التيتزاوجبينالقوةوالموافقة،باستثناءفترةبوشالابنالمتّكئةجًدا
على القوة في ولايته الأولى، محو ًلا إياها إلى هيمنة قوامها القوة.
ُ
تناقش الدراسة سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وما طرأ عليها منتغييراتفيعهدترامب،مقارنًةبسابقيهبعدالحربالباردة، وآفاق ذلك على مستقبل الهيمنة الأميركية والنظام الدولي الليبرالي،
وسيناريوهات الهيمنة في ظل حكم الرئيس جو بايدن.
أستاذة العلوم السياسية والدراسات الدولية، جامعة بيرزيت، فلسطين.