
النساء والثروة / التملّك والمشاعية
مشاعية الجنس والتملك:
منذ عصور الحضارة اليونانية القديمة نعثر على عبارة افلاطون , في دعوته الى مشاعية النساء والثروة, حتى لا يكون القتال من أجلهما و تنشب الحروب بسببهما.
من الواضح أن النساء والثروة كانت مسألة تحظى بأهتمام الفلاسفة اليونانيين الزاهدين بهما, في محاولتهم وضع قوانين وتعليمات دستورية ملزمة تنظّم حياة المجتمع وتنأى به عن المنازعات والاقتتال خاصة بين كل من أثينا وأسبارطة,كما حدث في حرب طروادة التي خلّدها هوميروس في الالياذة ,وتسببت بها أمرأة (هيلينا) زوجة ملك أسبارطة التي أحبّت(باريس) أبن ملك طروادة وهربت معه وكان ماوقع من حرب وسفك للدماء بسببها.
وفي تقصّينا معرفة صحة وصواب دعوة افلاطون لمشاعية الجنس والثروة في عصره,نجد انه كان من مميزات حضارة اليونان تقبّلها مثل هذه الدعوة التي نعتبرها نحن الآن من مخلفات وأرث المجتمعات البدائية المتخلفة. في أن يكون جميع النساء وبلا استثناء زوجات مشتركات للرجال بحيث لا يكون لكل واحد منهم زوجة واحدة خاصة به, ولا لكل أمرأة زوجا واحدا خاصا بها,ويكون الاطفال مشتركين بالنسب لا يعرف الولد أباه ولا يعرف ألاب أبنه لذا كان الى مرحلة متقدمة من الحضارة الانسانية تؤصل الانساب بين القبائل البدائية على أمومة المرأة وانتساب المولود للأم لا للأب غير المعروف.*
وبالعودة الى عصور البدائية الحجرية,وبالتحديد الى عصر الصيد والالتقاط ,الذي يسبق عصر بداية صنع الانسان للحضارة في اكتشافه الزراعة والري وتخزين الحبوب وتدجين الحيوانات واختراعه اللغة بعد تكوين المجتمعات الصغيرة غير المتنقلة.
نجد النساء والتملّك المشاعيين لم يكونا بنفس الاهمية في التجمعات البشرية البدائية المشاعية. ولم يكونا متكافئين كسبب مباشر باحتمال نشوب النزاعات بين الرجال والاقتتال على الاستئثار بهما. وأنهما بالنتيجة كانتا عاملين في هدرهما أخلاقيات تلك التجمّعات المتنقّلة قرب الأنهر والمياه , هذا في حال جاز افتراضنا أن انسان تلك المرحلة الحجرية – البرونزية أي في عصر متقدم من اكتشاف الانسان الزراعة أن(الرجل) كان متواضعا ومتفقا مع غيره من الرجال على عرف أخلاقي في أبسط معانيه واشكاله أن جاز التعبير,عرف مشاعي ينّظّم أمتلاك الرجال للنساء,علما أن الانسان المشاعي الوحشي البدائي في العصور الحجرية, لم يكن يعرف التواصل باللغة الشفاهية الكلام, ولا يعرف الكتابة التي هي من أختراع السومريون في بلاد ما يسمى ميزابوتوميا (ما بين النهرين)ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد وربما سبقتها أو تلتها الكتابة الهيروغليفية الفرعونية, بعد آلآف السنين من مغادرة عصر الصيد المشاعي والزراعي القبائلي الجنيني البدائي,كما أن المرجّح أيضا عدم معرفة الانسان البدائي لأدنى قيمة أخلاقية أبتدعها الانسان في مراحل تاريخية حضارية لاحقة نشأت مع ظهور الاديان الوثنية و السماوية ,ولم يكن هناك ماهو أخلاقي في العصور الحجرية و الحياة البدائية الاولى.
أذن المرأة والتملّك المشاعي لم يكونا عاملي أستثارة للمنازعات والاقتتال بين الرجال. وأن الدراسات الانثروبولوجية(علم دراسة الاجناس البشرية) التي تعتمد التنقيبات الاثرية في أطلاق فرضياتها التخمينية, تذهب أن الانسان البدائي لم يكن يعرف معنى اقتران الرجل بأمراة واحدة معينة لا غيرها, ولا المرأة تعرف معنى اقترانها برجل واحد دون غيره أيضا. لا في صيغة تملّك الرجل ولا في صيغة اتفاق تعاقدي بين الرجال والنساء عموما. والاكثر ترجيحا أن المرأة والرجل كلاهما لم يكونا مدركين أن الجماع الجنسي هو وسيلة التكاثر وحفظ النوع ألا في مراحل تاريخية متقدمة من ممارسة الجنس والانجاب بشكل عفوي ناتج عن ممارسة الجنس لاشباع اللذة والمتعة.فالانسان البدائي عرف لذة الجنس غريزيا قبل أن يعرفه وسيلة انجاب وتكاثرلأبقاء نوعه من الانقراض.
في العصر الزراعي كانت الأم المرأة مقدسة لانها مانحة الخصب والولادة, وأنقلبت العلاقة أن يدخل الانسان عصر الذكورة بعد أن أكتشف الانسان التعدين في العصر النحاسي الذي جاء بعد عصر الزراعة بعد قرون طويلة, أنه سبب حمل المرأة والانجاب عن طريق ممارسة الجنس مع الرجل فأعيد التقديس للرجل بعد أن كان حكرا على الانثى.
أما الثروة فأنها تشكل مرتبة ثانوية بالأهمية على أعتبار أنها ملكية متواضعة جدا حتى في مقاييس تلك الازمنة,وليست ملكية استغلالية مجحفة تستحق التنازع عليها. فهي ملكية بسيطة لا تتعدى الطعام وادوات الصيد والكهف والجلود وما تجود به الطبيعة . و لا تشكل عامل أحتراب وتصفية بين الرجال,والثروة الطبيعية لبساطتها, وهي صعبة التملك الانفرادي الاناني لتكون عامل فتنة قتالية الا في مراحل متقدمة جدا على مجاوزة العصور الحجرية الكهفية المتوحشة , حين أصبح التملّك في عصر الزراعة قيمة أستغلالية في أستملاك الاراضي الزراعية الشاسعة وأمتلاك قطعان الحيوانات الداجنة ووسائل الانتاج الاخرى والاستئثار بها دون الآخرين.
ويمكن القول أن المشاعية الجنسية والتملك كانتا سببا مهما في بقاء الجنس البشري الذي كان يتهدده الانقراض من قبل الوحوش الكاسرة المفترسة من جهة, وقسوة الطبيعة التي لا ترحم من جهة اخرى, وكانت المرأة ملكا مشاعا لكل الرجال في الحفاظ على الانجاب والتكاثر وتوّحيد الرجال ضد الاخطارالمحدقة بالانسان كنوع في الطبيعة.
لقد كان الانسان البدائي يحرص على عدم فقدان أشخاص من نوعه في ظروف معيشية صعبة كان فيها الانسان البدائي يقتات الجيف والحيوانات النافقة في ندرة وقلة الحيوانات التي كان يصطادها بصعوبة, كما نشأت في مراحل لاحقة قبائل أكلة لحوم البشر. فرجل تلك العصور لم يكن يعرف أهمية أن يمتلك هو دون غيره لافي الجنس ولا في التملّك الطبيعي, وفي مراحل لاحقة كان يجري تبادل النساء بين القبائل والتجمعات كسلعة مقايضة تداولية في تحقيق المنفعة, وتأمين العيش بسلام من دون أقتتال بينهم.
ثم من العسير جدا أعتبار الانسان البدائي مجردا من عاطفة الحب والاناسة الاجتماعية مع غيره من جنسه البشر, فهو يأنس بتلك العلاقة الاجتماعية مع غيره من نوعه ويتأنسن بالطبيعة بهذه الرابطة ككائن نوعي أجتماعي بالفطرة. وفي غير ذلك محال أن لا يكون أنقراض الانسان حاله حال أنقراض حيوان الماموث والديناصورات قد حصل.
اذا تقدمنا مراحل طويلة من عمر وعصور البشرية البدائية,وبعد معرفة الانسان للعائلة والقبيلة, ووضعنا رحالنا في عصور ماقبل التاريخ عند السومريين والاكديين والبابليين والاشوريين.نجد أن مشاعية الجنس قد أخذت صيغة البغي والدعارة المنّظّمة لدى السومريين أبتداءا, فقد كانت المرأة الراهبة في المعبد والمرأة في المجتمع كلتاهما يمارسان الدعارة كتعبير ديني وطقسي مقدّس من قبل الكهنة ورعايتهم له, وتعتبر تلك الرعاية الوثنية المقدسة للدعارة بمثابة ميثاق ديني أخلاقي متواضع عليه في وجوب ممارسته مجتمعيا.وقدسيته تنسحب أيضا على دلالة الخصب الطبيعي في تجدد الحياة والنماء المستمر المبارك في فصل الربيع حسب معتقداتهم.وأن أول بيت للدعارة في التاريخ البشري كان من أبتداع السومريين وأطلقوا عليه أسم(ميثقديم).methikdeam
أذن كان الكهنة الوثنيون ما قبل التاريخ ينظّمّون تلك الاباحية الجنسية بالقداسة التي أبتدعوها ولم تكن في معايير عصرهم تشي بأي نوع من التسفيل الاخلاقي والعمل المشين أجتماعيا, خاصة في تزكيتهم تلك الدعارة كهنوتيا وثنيا ,اذ وصل الحد الى الألهة عشتار التي كانت تمارس الجنس مع عبد تختاره كل مرة لتروي ظمأها الجنسي بعد أذن الملك زوجها في قضاء حاجتها مع العبد الذي يصارلاحقا الى حرقه حيّا في طقس وثني,وأنتقام سادي غامض.كما أن راهبات المعبد كنّ يمارسن البغاء مع الزوار الاجانب أيضا في نوع من تقليد أكرام ألضيف الغريب.
2.المشاعية في المفهوم العصري:
في المجتمعات الرأسمالية تقلصّت الى أبعد الحدود ليس مشاعية الثروة و المال فحسب, بل و حتى مشاعية توزيعها الاشتراكي العادل من أجل رخاء الناس كل الناس كما كان ولا زال معمولا به في بعض البلدان عالميا. .
كل افعال الانسان كما يذهب له علم النفس الفرويدي الذي أعتبر مصّ الرضيع لأصبعه هي ممارسة جنسية بدئية (لبيدو).كما أن المجتمعات التي نادت قبل قرن من الآن باشتراكية الثروة تراجعت لديها أباحية الجنس , و بقيت تلك المجتمعات متمسكة بأهمية بقاء الأسرة و تنظيم الجنس بالزواج ,علما أنها لا تعترف بأخلاق الدين مصدرا لذلك , و أنما تعتمد على أخلاق الانسان المتحضر وسنأتي عليها لا حقا.
السؤال الذي تتناسل عنه عشرات الاجوبة الجاهزة, هو لماذا انحّلّت الاسرة في المجتمعات الغربية ولم يحصل ذلك مع الشعوب الشرقية؟ هل بسبب حصانة الدين وحده أم بسبب مؤثرات أخرى؟
هل تتحمل المرأة مسؤولية أنحلال أخلاقيات الجنس في الغرب ,وما دور الرجل بذلك؟
هل لعبت المرأة في الجنس دورا تخريبيا سياسيا واقتصاديا, شأنها شأن الثروة المتراكمة في جيوب حفنة من الاغنياء المليارديرية والمليونيرية,؟ وفي مؤسسات أحتكارية عملاقة.
هل المرأة والثروة متلازمتان كسبب أنحلال ألاسرة أجتماعيا,وصولا الى تدمير أخلاقيات المجتمع المتواضع عليها ؟
ولماذا نقصر أخلاقيات ألدين في قيمومته والوصاية على أخلاقيات المجتمع في تماسكه الاسري؟ وكيف يمكننا الاحتكام في تقييمنا أخلاقيات المجتمع مع الاقرار بأدانة أن النساء والثروة سببا التدمير الاسري والاخلاقي الاجتماعي؟
واذا سحبنا النقد الاخلاقي الينا , ألم يكن في مجتمعاتنا قبل وبعد الاسلام خروقات جنسية فاضحة ودامغة تبدأ بممارسة البغاء العلني, تلاها خليفة المسلمين والامير والسلطان والقائد الذي يملك كذا عدد من المحظيات والجواري والغلمان وما ملكت أيمانه ممن لا ينالون حظوة الجماع والنكاح معه مرة واحدة كل عام؟ ما عدا الزوجات الاربع اللواتي يجري عليهن تدويرحكم الطلاق للهروب من فضيحة المخالفة الشرعية, في سحب الدين غطاءا للمستور في ظهور الالتزام بتعاليم الشرع والدين أن الزوجات الاربع كاف لا أكثر.أليس في هذا مشاعية جنسية أنثوية في مضاجعة كذا عدد من النساء لرجل واحد يتشدق بالذكورية المالكة والمتسلطة على الانثى وهوعبد شهوته التي يعجز من أشباعها حتى لو مارس الجنس يوميا طيلة سنوات عمره؟؟
3. الاباحية الجنسية بين النظامين الراسمالي والاشتراكي:
هل كان من المفروض أن النظام الاشتراكي الشيوعي مقدّرا له بعد أن ينجز بنجاح توزيع الثروة توزيعا أشتراكيا منصفا عادلا,أن يرافقه أنحدار مغاير في الوصول الى نوع من الاباحية الجنسية التي تقوّض الاسرة وأخلاقيات المجتمع كما حصل في مجتمعات النظام الرأسمالي حتى من غير توزيع عادل للثروة.؟
بما يتعلق بهذا التساؤل قبل الدخول في تفاصيل, أشير الى معلومة لست متأكدا من صحتها, انه على خلاف المتداول عن مشاعية الجنس في النظام الاشتراكي الشيوعي, أن ماركس أنكر المشاعية الجنسية وأستهجنها من منطلق تقويضها البناء الاسري وتماسك العائلة والمجتمع, وبذلك وضع حدا فاصلا بين مشاعية الثروة التي يسعى النظام الشيوعي في مراحل متطورة من تطبيق النظام الاشتراكي ضرورة الوصول لها وبلوغها كحتمية تاريخية مهمة تقود في النهاية الى مشاعية الثروة وغياب الملكية الفردية المستغلة وصولا الى مرحلة أنحلال الدولة كمؤسسة تضمن حقوق الفرد والمجتمع, وبين مشاعية الجنس التي تستهدف نظام الاسرة بمقتل يتوجب الاحتراز منها وعدم الانغماس بها.وليس مؤكدا عندي أيضا أن كان فريدريك انجلز قد ذهب في مؤلفه الشهير(أصل العائلة) نفس المنحى في مشاعية الجنس أم لا؟ وحول تفريق مشاعية الثروة عن مشاعية الجنس.
ولتوضيح هذه المسألة الهامة على قدر المامي المتواضع بادبيات الفكر الماركسي أجازف بتحليلي وأقول أن النظام الشيوعي بحسب أهتدائه بالنظرية الماركسية ومنهج المادية التاريخية, أعتبر الشيوعية آخر مراحل تطور أنحلال الامبريالية الراسمالية يعقب أفولها وانهيارها الحتمي, وبعدها سيمضي النظام الشيوعي الى مراحل متطورة من تعزيز الاشتراكية وتطويرها قبل وصولها الى حتمية تطورية تاريخية معقّدة جدا تشي بانحلال الدولة, ليتولى الشعب أدارة شؤونه بنفسه وربما بمساعدة مؤسسات بديلة لا تمثل الدولة بمفهومها الحديث.لكن سوف لن يبقى هيمنة لسلطة ومؤسسات دولة فاقدة لمبرر وجودها أصلا في تمثيلها مصالح طبقية, وقتها سينعدم أي تملّك فردي لتحل محله مشاعية مالية وامتلاك شعبي مباشر للثروة.
لكن الأهم من كل ذلك أن هذه المراحل النظرية الافتراضية لن تشهدها أجيال عمرية محصورة بمئة سنة من الحياة على أبعد التقديرات المستقبلية في توقع أطالة معدل عمر الانسان ليشهد مراحل من الحياة تحتاج كذا الف عام..في تطور النظام الشيوعي ووصوله مراتب عليا في التطور الذي سيشهد انحلال الدولة. وهو ما لايتاح لاحد اليوم الجزم بان هذه الافتراضات النظرية التاريخية كانت ستحصل أم لا؟
التفكيك الاسري من قبل الغرب الرأسمالي ليس في مشاعية الجنس وحده, ولكن في مشاعية تردي الاوضاع المعاشية التي شهدها النظام الاشتراكي قبل أنهيار مركزيته في تفكك الاتحاد السوفييتي القديم بداية التسعينيات.الذي كان بالضرورة يترتب عليه أنهيار المنظومة الاخلاقية المجتمعية الاسرية وهو مالم يحصل علما أن النساء في روسيا والمانيا نتيجة الحربين العالميتين تمثل نسبة 10نساء مقابل رجل واحد, كما أن الاطفال اللقطاء المسجلين بأسماء أمهاتهن نتيجة أغتصاب قوات الحلفاء المنتصرة بالحرب للنساء في كل من المانيا ودول خاسرة عديدة أشتركت في الحروب يبلغ مئات الالوف أن لم يكن بالملايين من الاطفال مجهولي الآباء.
في المقابل بقي النظام الرأسمالي في متاجرته بالاباحية الجنسية كواحدة من حقوق الانسان التي يغيظ بها النظم الاشتراكية, وتكدّس المال الاحتكاري الاستغلالي بطبقة ثرية متخمة ومجموع يعيش ضياعه في الاباحية الجنسية وأنحلال النظام الاسري في تفشي الاستهلاك الجنسي غير المقّيد بأية موانع او محرمات تضفي عليه نوع من الانسانوية الاخلاقية التي أعتادتها العصور البشرية.وأجد أن هناك استدراك لا بد من التلميح له حول تجربة النظام الاشتراكي مع اخلاقيات الجنس والتماسك الاسري, بان المجتمعات الصينية والنظام الذي يعيل ويقود أكثر من مليار ونصف المليار في حياة انسانية يشبع فيها الفرد والمجتمع جميع حاجاته الاساسية في حياة كريمة في التأمين الغذائي والصحي والتعليم ومستلزمات الحياة الاخرى , من ضمنها توفير الكرامة الاخلاقية الجنسية في منحيين ,الاول منحى عدم التفريط بالبناء الاسري ماديا وجنسيا, و المنحى الثاني عدم هدر أخلاقيات المجتمع بنوع من الاسفاف الجنسي المبتذل التي تتشدق به الرأسمالية المتغوّلة اقتصاديا والمنخورة أخلاقيا وجنسيا في ما لابراء منه الا في أنحلال الرأسمالية ومغادرتها مسرح التاريخ المعاصر.علما أن البغاء الجنسي في دول شرق وجنوب آسيا يمارس نشاط الدعارة غير المحظور.
4.العاملان الاقتصادي والديني في البناء الاسري:
أصبح من المتعذر جواز ربط الاباحية الجنسية التي يشهدها العالم على مستوى الفرد ومستوى الجماعة من غير ما ربط ذلك بفلسفة النظام السياسي الكلّية.وأن الربط الاباحي الجنسي بحرية الفرد الشخصية وحقوق الانسان أنما هو لعبة أستغفالية يعمد لها النظام الرأسمالي التستر على نهجه الاستغلالي اللاانساني المقيت المدان.
النظامان الاشتراكي والرأسمالي يفترقان في تفسيرهما المختلف حول أنحلال الاسرة وتدهور أخلاقيات المجتمع في شيوع الاباحية الجنسية, وأهمية ربطهما بفلسفة النظامين كلا على حدة, فالاباحية التي يصورها الغرب واحدة من الحريات الشخصية وحقوق الانسان لا يلغي الطابع الاستلابي المقيت للمجتمع الغربي اقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا.وهذا لا يلغي تأشير حقيقة البناء الاسري في المجتمعات الاشتراكية والتمسك بالاخلاقيات العامة, وكأنه قد أعدم أمامه فرص الحياة في حقوق الانسان وممارسة الحرية الشخصية المتداخلة مع الحرية العامة المكفولة في النظام الاشتراكي.
من بين عشرات الاجوبة الجاهزة في معالجة اشكالية تفكك الاسرة وتفشّي الاباحية الجنسية يبرز العامل الديني المنقذ من الضلال على حد تعبير الغزالي, على أنه حامي الاخلاق في الماضي وسندها في حاضرها وأمانها في مستقبلها وفي هذا تعميم غير منصف, بدليل أنه يلغي اليوم التعددية الدينية وفلسفتها الدينية المميزة المتفردة في دول عديدة واختلاف فهم الاخلاق والجنس لديها, ويلغي أيضا رابطة ووصاية ايديولوجيا النظم السياسية على الدين وتبعيته لها, فنظرة المسيحية للاباحية الجنسية هي غيرها نظرة الاسلام او البوذية وهكذا في أديان لاحصر لها.
لا أعرف بالضبط أين قرأت معلومة تفيد أن من مجموع سبعة مليارات نسمة تستوطن الارض عام 2017 من بينهم ست مليارات أنسان يؤمنون بالدين ووجود الخالق الله, ولكنهم لايؤمنون باخلاقيات الدين تقود الحياة, وأن المليار الباقي وأعتقد أكثرمن ملياري أنسان يتوزعون بين ملحد وغير مؤمن لا يؤمنون أيضا باخلاقيات الدين تقود الحياة .ومن نافل القول أن الانسان عرف الاخلاق قبل معرفته أخلاق الدين.
وهنا يبرز أمامنا النفاق البشري أزاء مهمة الدين في أصلاح اخلاقيات المجتمع والحفاظ على مستقبلها.عندما نجد الخرق الجنسي- الديني يأخذ صفة التطرف في أستهدافه معاقل المقدسات الدينية في تحدّ سافر لسلطة ايديولوجيا الدين.ومثاله التطرف الجنسي الشاذ(المثلية) الذي لا يتوقف عند الزنا بالمحارم والديوثية, يعطينا مؤشرا واضحا أنه لا العامل الاقتصادي وراء المشكلة ولا رغبة الدين معالجتها , فهي تعتبر في عالمنا المعاصر في اوربا وامريكا وغيرها من دول العالم حرية جنسية وحق من حقوق الانسان الذي يلجم الجميع لأنه مؤمن قانونا كما تذهب له المجتمعات الغربية.
5.تسليع الجنس ؟:
تسليع جسد المرأة وارتهانه بالمتعة واللذة لا يحيلنا الى سبب معيشي أو اقتصادي, يتخفّى وراءه الدافع الغريزي غير المعلن في الرغبة الشديدة تكسير المتواضعات الاخلاقية التي كانت سائدة بصرف النظر عن كونها مستمدة من خلفية دينية أو مستمدة من أعراف مجتمعية سائدة, هذا ما تشهده المجتمعات الغربية. وأذا أجرينا مقارنة بسيطة بين دخل الاسرة في مجتمعاتنا الشرقية وتحديدا العربية الاسلامية, نجدها اوطأ كثيرا عنها في معظم بلدان العالم –باستثناء دول الخليج العربية – ونجد المفارقة في تسليع الجنس غربيا لا يقوم على دعامة دخل الفرد أو الاسرة والذي كثيرا ما يأخذ مقوماته من أشباع حاجات الانسان الضرورية المؤمنة للجميع تقريبا لكن بمستويات متفاوتة, مع ذلك نجد الممارسات الاختراقية الجنسية المتطرفة بشذوذها وأستباحة كل الاخلاقيات الطبيعية ذات المصدر الديني أو المجتمعي على السواء وعبور جميع حواجز المنع والمحرمات الجنسية هي سيدة الجنس.
وهنا ينتفي أن يكون لمستوى دخل الاسرة أي دور في الموضوع في تفشّي الاباحية الجنسية في الغرب في مقابل حقيقة رغبة وغريزة تحطيم المرتكزات الاخلاقية السائدة.
أما في مجتمعاتنا الشرقية العربية الاسلامية يكون أنحدار كسر المحظورات الاخلاقية في ممارسة الدعارة والبغاء مبعثه في الغالب العوز المعيشي والحاجة المالية لتوفير مستلزمات الحياة الصعبة, لكنه يبقى محصورا في نطاق ضيّق اجتماعيا بعيدا عن التأثير المباشر العام الذي يجعل من السقوط في الانحراف الجنسي بديلا لأخلاق المجتمع المتعارف على حمايتها بشكلها الطبيعي العام .وهي بهذا تكون مختلفة جدا عن الاباحية الجنسية المتداولة اجتماعيا بعيدا "عن مؤثرات وأسباب المعيشة في الغرب, وتكتسب مشروعيتها الزائفة في التمرير على أنها حق لحرية الجنس المكفولة كحق من حقوق الانسان فيما يجسده الواقع الغربي أن الاباحية الجنسية هي الاخلاق الجنسية أن لم تكن المرتكز الوحيد لها على صعيد الحياة الترفيهية.على عكس ما نجده في مجتمعاتنا الشرقية أن الجنس مرتكز المحافظة على الاخلاقيات المجتمعية الطبيعية في بقاء الاسرة, وأن العوز والحاجة رغم أهميتها في الحياة الصعبة, نجد أن الهاجس الذي ينتظم السلوك العام هو الحفاظ على تماسك الاسرة من الانحلال الذي هو عماد بقاء المجتمع كيان موحد غير ممزّق تسوده اخلاقيات الطبيعة السوية في الزواج والانجاب الاسري………