
نيتشه ولو سالومي: الحب المستحيل
على الرغم من كون تجربته الإيروتيكية ضئيلة للغاية ، فإن نيتشه قد أطلق على نفسه لقب “أول عالم نفس بالمؤنَّث الخالد”. هذا التأكيد أثار حفيظة النسويين اللذين هاجمهم بعنف في مجمل كتاباته. هذا الهجوم لم يكن بدافع كراهية راديكالية للنساء ، وإن كان لا يخلو من شيء منها ، بقدر ما كان بدافع عدائيته للأفكار التقدمية. أما على صعيد الجنسانية والحب ، يدعم نيتشه وجود اختلاف عميق في التوجُّه والممارسة بين الرجل والمرأة. بل وترتكز وجهة نظره على عدم مساواة مبدئية غير قابلة للعلاج. فالرجل يتملَّك والمرأة تمنح نفسها ، ذلك هو قانون الجنس القاسي.
– ولكن هذا المنح هنا هو ( منح الذات لأجَل ) مما يكفل لها نوعاً من السيادة هي الأخرى. فبأخذهن مظهر الزينة الهشّة التي قد تتأذى بذرة غبار ، يُدافعن عن أنفسهن ضد صرامة قانون الأقوى. إن قوة المرأة تكمن في ضعفها ، فهي تستعيد مكاسب كبيرة بفضل الغواية التي تمارسها ، ودورها الأولوي كأمّ. الرجل بالنسبة للمرأة وسيلة ، والهدف هو الطفل. ولكن الحبَل هو مايجعل المرأة أكثر جاهزية للخضوع والإذعان ، وهو ما يجعلهن أكثر حنواً ونعومةً ، وأكثر خوفاً. إذن فالرجل والمرأة يمتلك كل منهما سلطة تملُّك نوعي على الآخر ، تجعلهما يتواجهان ويتحدان بالتناوب.
– يستحيل أن نضع حداً لتلك الخصومة الطبيعية ، بما فيها من قسوة وشناعة وغرائبية وأزلية. لأننا نستوعب الحب في مجمله ، في عظمته ورهافته ، فهو شعور لا أخلاقي بطبيعته وبشكل أبدي. إنه صراع ضار بالضرورة وإلا فلن يكون حباً. أليس من يقوى على مقاومتنا هو من يصير أكثر إغواءً ؟ وإذا كان أن نحب يعني أن نمنح ذواتنا ، فإن هذه الهبة لا ينبغي لها أن تكون امتهاناً للذات.
– التقى نيتشه بسالومي للمرة الأولى أسفل قبة كاتدرائية
سان بيير في روما . فاستهل لقاءه بها بعد أن انتهى من إلقاء محاضرته التي لم يحضرها سوى القلة القليلة بعبارة : من أي نجم سقط كل منا ليلتقي الآخر ؟. لكن سالومي لم تكن أبداً صيداً سهلاً. وقد منحته الأمل الزائف بمرور الوقت ، ذات مرة عرضت عليه قضاء يوم كامل وحيدين في “مونت ساكرو” .
أليس هو نيتشه من قرر أن المرأة هي أخطر الألعاب ؟ حقَّاً فقد وقع على قنبلة موقوتة ، وعذراء مميتة ، ومتصوفة لا أخلاقية هي “لو سالومي”.
لقد منحته الأمل الزائف ، بمرور الوقت. ذات مرة عرضت عليه قضاء يوم كامل وحيدين ؛ بمعزل عن الباقين في “مونت ساكرو” إلا أنها كتبت في مذكراتها أن هذه النزهة بقيت الحلم الأكثر روعة بالنسبة لنيتشه!
__________